شعرت العديد من دول العالم بتأثير اضطرابات شحن الحبوب في أعقاب غزو أوكرانيا، لكن الشرق الأوسط كان من بين الأكثر تضررًا.
يأتي حوالي ثلث القمح في العالم من روسيا وأوكرانيا، وبعض دول الشرق الأوسط تعتمد على هذين البلدين في أكثر من نصف وارداتها. تعرضت ليبيا التي مزقتها الحرب ولبنان الممزق اقتصاديًا لضربة قوية من الاضطرابات في تصدير الحبوب، إلى جانب مصر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم.
استؤنفت صادرات الحبوب الأوكرانية في أواخر يوليو بعد اتفاق بوساطة الأمم المتحدة بين كييف وموسكو، واستقرت أسعار المواد الغذائية العالمية منذ ذلك الحين، لكن الكثيرين في الشرق الأوسط لا يزالون ينتظرون الشحنات المتوقفة.
غادرت أول سفينة محملة بالحبوب أوكرانيا في الأول من أغسطس/ آب وكانت متجهة في البداية إلى لبنان. غير أن الشحنة تغير مسارها بعد أن رفض المشترون اللبنانيون استلامها، فأبحرت إلى مصر بدلًا من ذلك، بحسب رويترز.
كما أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى ضرب عدد من اقتصادات الشرق الأوسط غير المستقرة. دفع ارتفاع أسعار السلع في العراق وإيران الكثيرين إلى الشوارع للاحتجاج. وفي مصر، حيث قبل عقد مضى فقط أطاحت انتفاضة بالنظام تحت شعار "الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية"، تشهد الأسر من جميع مستويات الدخل تآكلًا سريعًا في قدرتها الشرائية.
بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد بشكل مفرط على استيراد الغذاء والطاقة، الأمر الذي يتركها هشة على نحو خاص أمام الصدمات الاقتصادية نتيجة الأزمة الأوكرانية؛ إذ إن بعض الدول تشتري كميات كبيرة من القمح من أوكرانيا وروسيا. وفي حين أن البعض، مثل دول الخليج العربية، تمتلك احتياطيات كبيرة، فإن دولاً أخرى، مثل لبنان، لا تمتلك أية احتياطيات، الأمر الذي يجعل احتمال حدوث نقص لديها حقيقياً جداً. وفي حين لم يفرض أحد، حتى الآن، عقوبات على واردات القمح الروسي، فإن المستوردين يواجهون صعوبة متزايدة في شراء القمح من روسيا بسبب صعوبات تحويل الأموال إلى الشركات الروسية والتأمين على السفن. كما أن الاعتماد على النفط والغاز المستوردين مشكلة أيضاً. فقد تبقى دول لديها اكتفاء ذاتي أو حتى تصدر النفط والغاز، مثل إسرائيل ومصر، وإيران، والعراق، وليبيا وبعض دول الخليج العربية، محمية من الركود، بينما قد تواجه دول أخرى مثل لبنان، وفلسطين، والأردن، واليمن وتونس صعوبات اقتصادية مع معاناة سكانها من درجة أكبر من الحرمان.